أي مشروع جديدد حتى يتم إطلاقه وتصديره من قاعدة الدماغ إلى قاعدة العالم الواقعي فهو يتطلب مجهودًا كبيرًا. بالطبع، تختلف المتطلبات بناءً على نوع المشروع الذي تود إنشاءه؛ حيث أنّ التحديات التي يواجهها المخرجون تختلف عن التحديات التي يواجهها التجار والشركات الاستشارية. ولكن بمجرد أن تُجهّز مفهوم العمل والتمويل اللازم، فهناك بعض المتطلبات الأساسيات العامة التي ينبغي توفيرها بغض النظر عن نوع المشروع.
لذلك تحدثنا مع أصحاب المشاريع والمستشارين والأساتذة حول متطلبات بدء مشروع جديد، وقد وضعناها لك في هذا المقال على شكل مجموعة من الخطوات القابلة للتنفيذ. ما عليك إلا تطبيق هذه الخطوات على مشروعك، وستكون جاهزًا لإطلاق مشروع ناجح بإذن الله تعالى.
فكرتك.. خطوتك الأولى
تقول إيناس إبراهيم، مؤسِسة Talem Advisory، وهي شركة استشارية جديدة في مدينة نيويورك، “إنّ الخطأ الأكبر الذي يرتكبه رواد الأعمال الجدُد هو البدء في العمل على فكرة قبل التأكد من وجود طلب عليها في السوق. إذا كانت شركتك الناشئة تهدف إلى بيع تطبيق لم يسبق للعالم رؤيته، فتأكد من أنّ العالم في الواقع يحتاج إلى تطبيقك. فربما يكون السبب في عدم وجوده هو ألا أحد يحتاجه. إذا كانت هناك حاجة له، فتأكد من أنّ الناس مستعدون للدفع مقابله”.
وقالت أيضاً : “لا تعمل على الفكرة حتى تمحِصها. تأكد من أنّ هناك سوقاً لها. تأكد من أنّ العملاء يريدونها. إذ أنه في بعض الأحيان، قد لا تتماشى رؤية رائد الأعمال مع ما يريده العملاء.” يمكن أن تساعدك الأبحاث السوقية على ذلك، فهي مهمة للشركات الناشئة ذات الأحلام الكبيرة. إذا كنت تهدف إلى أن تبني شركة عملاقة، تحقق من قدرة السوق على تلبية تطلعاتك.
وأضافت إيناس إبراهيم: “يكتشف رواد الأعمال هذا الأمر بعد أن يبدؤوا في التحدث إلى المستثمرين. فقد تكون الفكرة سليمة، لكن سوقها قد يكون أصغر من أن تصبح قابلة للتمويل من قبل مستثمر كبير أو المستثمرين الملائكيين (angels) أو أصحاب رؤوس الأموال المغامِرة. إذا كان السوق بأكمله أقل من 500 مليون دولار مثلًا، فقد لا تجد مستثمرًا كبيرًا يقبل تمويل مشروعك”.
شجع خطتك وادعم ميزانيتك لـ مشروع ناجح
حتى أفضل الخطط لا يمكنها أن تحسب حساب كل شيء. الشركات الناشئة ينبغي أن تكون مستعدة للمفاجآت، وأن تتجهز لكل طارئ.
يقول ليونارد جرين، مؤسس ورئيس مجلس إدارة The Green Group، وهي شركة محاسبة واستشارات وضرائب مقرها نيوجيرسي وأستاذ ريادة أعمال في كلية بابسون: “ضع خطة لكيفية إدارة العمل. والتي هي شكل من أشكال اتخاذ القرار قبل أن تبدأ باتخاذ القرارات”.
الخطة ينبغي أن تشمل كل شيء، من رؤية الشركة الناشئة، وحتى بنيتها وتنظيمها.
يقول جرين إنه عند وضع ميزانية احتياجات الشركة الناشئة، فعليك أن تفترض أن شركتك أو مشروعك لن تحقق ولو درهما واحدًا خلال السنة الأولى. “حتى لو حصلت على بعض المبيعات، فلن يكون ذلك كافيا على الأرجح. إذ ما يزال يتعيّن عليك تغطية مصاريف الإيجار والمرافق والمخزون والرواتب والترويج.”
ابني فريقك المناسب
ربما تكون الخطوة الأكثر أهمية في مرحلة بدء الشركة الناشئة هي تجميع فريق يعمل بشكل جيد معًا ويستطيع تسليم البضائع والمنتجات. يلاحظ مارك كوبرزميث، وهو رائد أعمال مخضرم في مجال التكنولوجيا وزميل بارز في جامعة كاليفورنيا بكلية هاس لإدارة الأعمال في بيركلي، “رواد الأعمال الناجحون يكونون تواصليّين بطبيعتهم، لذا تكون لديهم شبكات علاقات قوية، مما يعطيهم ميزة مباشرة”.
يبنغي أن يشاركك زملائك في الفريق في أفكارك ورؤيتك حول كيفية إدارة العمل. يقول كوبر سميث: “العنصر الأساسي هنا هو أنّ ريادة الأعمال تشبه الرياضات الجماعية. إذ عليك بناء الفريق مبكرًا حول القيم المشتركة. لأنه إن جلبت موظفين وشركاء يوافقونك في القيم والرؤية، فسيسهل ذلك عملية اتخاذ قرارات”.
يستحضر كوبر سميث (Coopersmith) الراحل بيتر دراكر (Peter Drucker)، خبير الإدارة الذي كتب قبل 60 عامًا أنّ وظيفة الشركات تنحصر في أمرين أساسيين فقط: التسويق والابتكار. بمعنى آخر، هدف الشركات ينبغي أن يكون تصنيع المنتجات وبيعها. يقول “أود أن أضمن أنّ فريقي يملك هاتين المهارتين”.
بالإضافة إلى ذلك، أنت بحاجة إلى فريق براغماتي وقادر على العمل معًا في الأوقات الصعبة. اجلس مع أعضاء الفريق المهمين وخطط لجميع الحالات الطارئة. “ماذا سيحدث إذا أصبح شريكك مريضا؟ أو مرّ بالطلاق؟ أو أنّ أداء العمل تراجع فجأة واضطرِرنا إلى الاقتراض؟ عليك أن تقرر كيف ستتعامل مع مثل هذه الأشياء مسبقًا، حتى تتعاملوا معها بشكل جماعي”.
الدعم يحتاج إلى بحث
تبدو رحلة رائد الأعمال فردية. ولكن قبل الشروع في مثل هذه الرحلة، عليك التأكد من أن أحبائك وأصدقائك يدعمونك. فذلك ضروري لصحتك العاطفية – ولصحة شركتك.
تقول مارجو جيرارد، الشريك المؤسس ومديرة التسويق في Memi، وهي شركة تروّج لتكنولوجيا يمكن ارتداؤها مصممة للنساء: “أقول دائمًا إنّ إنشاء شركة ناشئة يتطلب جهود قرية بأكملها. فمن غير الممكن أن تقوم بكل شيء وحدك. أنت بحاجة إلى الدعم النفسي والعاطفي من أصدقائك وعائلتك لمساعدتك على التغلب على الصعاب والعقبات.”
تركت جيرارد وظيفتها كمديرة للتسويق في ديان فون فورستنبرغ لبدء شركة Memi مع شريكتها ليزلي بيرسون في عام 2012. مشروعها الريادي الأول جعلها تغرق في زوبعة من الأحاسيس، فقد شعرت بالإثارة والإحباط والأمل والحزن، وأحيانًا تشعر بكل ذلك في نفس اليوم. وقد اعتمدت على أحبائها لمساعدتها على الاستمرار والمضي قدما في المسار الصحيح.
تقول جيرارد: “أرى نفسي كمشجعة ومحفزة للشركة”. “عندما يقول الجميع” لا “، أقول ” نعم، نعم، نعم” بأعلى صوتي. عندما أشعر بالإحباط والحزن والضيق، فإني أبحث عن الدعم والمساعدة عند عائلتي، وأصدقائي، وزوجي”.
تجاوز ردود الفعل واصنع نموذج المشروع الخاص بك
عندما صمّم بايارد وينثروب (Bayard Winthrop) مفهومه لتصنيع أقمصة أمريكية الصنع، قام بمنح المئات من العملاء المحتملين نماذج أولية وسألهم عن رأيهم. كيف هو ملمس الثوب؟ هل هو خشن؟ أم ناعم جداً؟
يقول وينثروب، مؤسس ورئيس شركة American Giant التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، إنه إن لم تحصل على مثل هذه التعليقات المفصّلة من عملائك المحتملين، فلن تستطيع أن تكون واثقًا من أنّ فكرتك جيدة. يقول: “لقد فعلنا كل شيء، من وضع الصور على الموقع الإلكتروني، إلى صنع 100 من البلوزات ووضعها في أيدي الناس”.
يُعزى إلى American Giant، التي أطِلقت في عام 2012، النجاح في إعادة النظر في كل شيء في صناعة الأقمصة. قبل إطلاق الشركة، سأل وينثروب العملاء عن جميع جوانب الملابس: الأصفاد، الملاءمة، الغطاء، بل حتى السوستة. وقد استغرق النسيج وحده ستة أشهر لضبطه.
يقول وينثروب: “في صناعة الأقمصة والبلوزات اليوم، فإن الحصول على الملبس المناسب يشبه طهي وجبة شهية”.
ساعدت ردود الفعل والتعقيبات الطبيب ميتش باتل، المؤسس المشارك لشركة Docphin، على تعديل تقنيته. لقد صمم منصته لمساعدة أخصائيي الرعاية الصحية على الوصول بسرعة إلى المقالات البحثية المنشورة في المجلات الطبية. وقد كان تركيزه على السرعة بالأساس.
ولكن كانت هناك مشكلة، إذ كانت عملية التسجيل الأولية في الموقع مرهقة، مما دفع العديد من المستخدمين إلى الخروج من الموقع. راجعت Docphin نفسها، وطرحت بعض الأسئلة على المستخدمين الأوائل، وخفضت متوسط وقت التسجيل إلى دقيقتين. فعاد المستخدمون بأعداد كبيرة. والآن، تخدم Docphin حوالي 500 مستشفى في جميع أنحاء البلاد.
يقول باتيل: “بالنسبة لنا، كان الأمر كله يتعلق بمعرفة القيمة التي يريدها المستخدم النهائي، وكيف يمكننا تسليمها في أسرع وقت ممكن. ما وجدناه هو أنّ القيمة الحقيقية التي يريدها المستخدم هي السرعة”.
بالنسبة لأصحاب المشاريع الناشئة، فالحاجة إلى تعديل مسار المشروع لا تنتهي. يقول ديفيد راش، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة Earshot، وهي شركة مقرها شيكاغو تساعد الشركات على اكتساب عملاء جدد عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “يجب أن تكون في سعي دائم إلى تحسين عملك”. كان مشروع Rush الأولي هو تطبيق يسمى Evzdrop، والذي سمح للغرباء في نفس الموقع بالتواصل مع بعضهم البعض. أخبر العملاء Rush أنهم يريدون أن يكونوا قادرين على الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي الكبيرة. فلما رؤى أنها فرصة عمل جيدة، قام بتعديل مسار عمله، وفي أكتوبر 2013، تحول Evzdrop إلى Earshot.
يقول راش: “يجب أن تحلل البيانات، وتعرف ما يمكنك معرفته حول المشهد التنافسي أو السوق الذي تحاول خدمته أو المشكلات التي تحاول حلها. ينبغي أن تستمر في تطوير منتجك، وينبغي ألا تقنع أبدا”.